دعمٌ أوروبيٌّ يُعزّز مساعي شركة

في بلد ذو موارد مياه طبيعية شحيحة مثل الأردن، ، يعتقد المرء أن توفير المياه ذات الجودة قد يشكّل تحدياً كبيراً أمام شركة طموحة تتطلع إلى إنشاء مشروع تعبئة مياه. ولكن صدق أو لا تصدق، فإنه بالنسبة لشركة كلارا، التي تعتبر احدى الشركات الأردنية الرائدة في هذا القطاع، فإن المشكلة الرئيسية كانت العثور على العبوات الزجاجية المطلوبة لتنفيذ مشروعها.

ووفقاً للسيد مشعل البطاينة، مؤسس شركة كلارا، فإن أفضل طريقة لإدارة المياه الشحيحة هي تعبئة المياه في زجاجات. ويقول البطاينة: “عندما أسسنا شركتنا، كنا كمن يبحث عن كنز داخل كومة قمامة. وكان هدفنا تأمين 1000 عميل في عامنا الأول، ولكن تفاجأنا أننا وصلنا إلى هدفنا هذا في الأشهر القليلة الأولى فقط”.

يتلخص هدف شركة كلارا التي تأسست عام 2017، في معالجة إحدى المشاكل في البلاد وهي التخلص من النفايات البلاستيكية ذات الاستخدام لمرة واحدة. كما أرادت الشركة التنافس ضد الطلب الهائل على المياه المعبأة في عبوات بلاستيكية.

ورغم أن الشركة لم تكن متأكدة من أن المستهلكين المحليين سيتحولون إلى استخدام العبوات الزجاجية بعد تعودهم على البلاستيكية لسنوات عديدة، إلا أنها أصرت ورغم كل الصعاب، على إقامة مشروعها في الأردن.

يقول البطاينة “أردنا مكافحة مشكلة البلاستيك وتشجيع العملاء على استبدال عبوات المياه البلاستيكية بالزجاجية”.

بدأت الأمور على نحو طيب، حيث تمكنت الشركة من استيراد آلاف العبوات الزجاجية من مختلف الأحجام من تركيا. ولكن بعد بضع سنوات أوقفت الشركة التركية انتاج تلك العبوات، مما خلق مشكلة كبيرة لكلارا. ولكن هذه الشركة الطموحة تمكنت في النهاية من العثور على مورد جديد من مصر.

وعلى الرغم من تبني الشركة مبادئ خضراء، شعر البطاينة بأن شركته يمكن أن تفعل المزيد. لذلك ولتعزيز الاستدامة، تقدمت شركته بطلب للحصول على قرض من مرفق تمويل الاقتصاد الأخضر التابع للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية من خلال بنك الاتحاد في الأردن. وقد أتاح هذا القرض للشركة شراء المزيد من عبوات المياه الزجاجية القابلة لإعادة الاستخدام التي لم تكن متوفرة بسهولة في البلاد، وكذلك شراء نظام لتنقية المياه لزيادة قدرة الشركة على انتاج المياه.

ويستخدم النظام الجديد مراحل متعددة منها استخدام مرشحات الرمل والكربون والنترات وغيرها لتنقية المياه وخفض إجمالي المواد الصلبة السائلة في المياه. وبعد مراحل التنقية هذه، يتم خلط 50% من المياه المرشحة مع ال50% التي يتم ارسالها إلى أغشية التناضح العكسي لإجراء عملية ترشيح وتنقية متقدمة. وتسهم هذه العملية في الحفاظ على البيئة وتزيد من كفاءة معالجة المياه. ولكي لا تضيع قطرة مياه واحدة خلال عملية الإنتاج، فلدى الشركة كذلك نظام للمياه الرمادية متصل بخط انتاجها.

والآن تنتج الشركة المياه ذات الجودة من أفضل الآبار في منطقة أم البساتين الأردنية باستخدام أحدث التقنيات.

إن أي منتج رائع لا يساوي شيئاً إذا لم يتوفر عملاء يشترونه. ولذلك فإن من أهم مبادئ الشركة توفير أفضل خدمة للعملاء. تنتج “كلارا” مياه تظل صحية وآمنة بعد خروجها من المصنع، وتوفر للمستهلكين مجموعة من أحجام العبوات، من عبوة الماء الكبيرة إلى عبوة 1040 مل وأحجام أصغر تصل إلى 345 مل.

كما توفر الشركة خدمة استلام لجمع العبوات الفارغة من العملاء وذلك لتنظيفها وإعادة استخدامها. وعقدت شراكة مع شركة لإدارة النفايات لجمع الزجاجات المكسورة لشحنها للشركة المصنعة للزجاج بغرض إعادة تدويرها وتصنيعها كعبوات زجاجية مرة أخرى.

ويتنوع عملاء “كلارا” ما بين المنازل والمكاتب والمطاعم وفنادق الخمس نجوم. ويوضح البطاينة أنه مع زيادة الطلب على السياحة المستدامة، فإن شركته تتمتع بميزة تنافسية كمزود للمياه في عبوات زجاجية قابلة لإعادة الاستخدام. ففي وقت تسعى فيه الفنادق للحصول على أعلى التقييمات على مواقع الحجز التي تشجع السياح على “السفر المستدام”، فإنها تجد لدى شركته المنتج المناسب.

وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للعملاء شراء مياه “كلارا” أو إعادة تعبئة العبوات لديهم من خلال تطبيق الهاتف المحمول سهل الاستخدام، ويمكن توصيلها لهم مجاناً مرتين في الأسبوع.

وتفخر كلارا بأنها مكان عمل شامل للجنسين، حيث أن نصف الموظفين في خط إنتاجها من النساء، اللاتي يعتقد مشعل أنهن أحد ركائز نجاح الشركة، حيث أن الموظفات مخلصات في عملهن ويحرصن على فحص كل زجاجة بدقة منذ لحظة تعبئتها حتى وضعها في الصناديق لإرسالها للعملاء.

استثمرت “كلارا” حوالي 1,057,000 دولار أمريكي في هذا المشروع. وقد ساعدها هذا الاستثمار على تقليل 7 أطنان من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنوياً، أو 35 في المائة سنوياً مقارنة بما قبل الاستثمار، بالإضافة إلى إزالة 195 طناً سنوياً من الزجاجات البلاستيكية من السوق.

وكجزء من المشروع، حصلت الشركة على حافز مالي من الاتحاد الأوروبي، مما مكنها من تخفيض تكاليفها الاستثمارية.

ولكن طموح الشركة يمتد إلى أبعد من ذلك، فهي تخطط الآن إلى طرح المياه الغازية والقلوية المعبأة في زجاجات، والمياه المعلبة.

كما أنها تتطلع إلى شراء معدات وأجهزة تزيد من قدرة المنشأة على تنظيف الزجاجات، وهو ما سيساعد بدوره على تحسين الكفاءة التشغيلية. ولذلك فإن مرفق تمويل الاقتصاد الأخضر والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية على أتم الاستعداد لمساعدتها في ذلك.