في لحظة نادرة تختصر معنى البطولة، سطّر السائق المصري خالد محمد شوقي عبدالعال قصة شجاعة ستظل محفورة في الذاكرة الوطنية، بعدما ضحّى بنفسه لينقذ أرواحًا لا يعرفها. أثناء عمله كسائق شاحنة وقود في مدينة العاشر من رمضان، اندلعت النيران فجأة في الشاحنة المتوقفة داخل محطة وقود بالمجاورة 70، وسط منطقة مأهولة بالسكان. وبدلًا من الهروب، اتخذ خالد قرارًا مصيريًا، وقاد المركبة المشتعلة بعيدًا عن المحطة والمنازل، مُعرضًا نفسه لخطر الانفجار في أي لحظة.
بفضل هذا التصرف البطولي، تم تفادي كارثة كانت ستودي بحياة العشرات وربما المئات، لكن الثمن كان فادحًا. خالد أُصيب بحروق بالغة غطّت معظم جسده، ونُقل على الفور إلى مستشفى بلبيس، قبل تحويله إلى مستشفى أهل مصر لعلاج الحروق في القاهرة، حيث حاول الأطباء إنقاذه على مدار ساعات، لكن فجر الأحد 8 يونيو 2025، لفظ أنفاسه الأخيرة، في مشهد مؤلم خلّف حالة من الحزن العميق على مواقع التواصل الاجتماعي وفي قريته ومحافظته.
خرج الآلاف لتشييع جثمانه في عزبة المصادرة التابعة لقرية مبارك بمركز بني عبيد في محافظة الدقهلية، في جنازة شعبية حاشدة عبّرت عن التقدير العميق الذي ناله هذا البطل من أبناء وطنه.
وامتد التقدير إلى أعلى المستويات، حيث وجّه رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي بصرف مكافأة مالية ومعاش استثنائي لأسرته، كما أعلن جهاز تنمية مدينة العاشر من رمضان إطلاق اسمه على أحد شوارع المدينة، تخليدًا لبطولته النادرة.
وزارة البترول بدورها أصدرت بيانًا أعربت فيه عن تقديرها البالغ لتضحية خالد، مؤكدة أن ما قام به يُعد رمزًا للشرف والإخلاص والتفاني في العمل. فرغم بساطة مهنته، أثبت خالد أن البطولة لا تحتاج إلى مناصب، بل إلى قلب لا يتردد في أن يُقدّم نفسه فداءً للآخرين.
خالد عبدالعال لم يكن مجرد سائق شاحنة، بل كان إنسانًا امتلك من الشجاعة ما يفوق الوصف. رحل بجسده، لكنه ترك للوطن اسمًا يُخلّد، وقصة تُروى، ودربًا من النور يمشي فيه كل من يؤمن أن الواجب أغلى من الحياة.